محارب شجاع روَّع إنجلترا وأوروبا وأسَّس حكم الفايكنغ.. هل كان راجنار لوثبروك شخصاً حقيقياً؟
راجنار لوثبروك، محارب أسطوري من بلاد الشمال، حقق إنجازات ضخمة وترك إرثاً مهماً لشعوبه وللعالم أجمع، له الفضل في جمع قبائل ومحاربي الفايكنغ وتركيز أطماعهم على الأراضي الغنية وراء البحار، بغرض الاستيطان وليس الإغارة فقط، سيرته لم تنتهِ معه لكن أولاده أكملوا من بعده، وتفوقوا عليه وأسسوا حكم الفايكنغ في أوروبا، فهل كان راجنار لوثبروك شخصاً حقيقياً؟
من هو راجنار لوثبروك؟
You might like this:
الذكاء الاصطناعي يستعيد صورة الفرعون الذي أمر بقتل موسى.. شاهد!
خلدت الأعمال الفنية التاريخ، وجعلته شاهداً حياً حتى يومنا هذا، والفن نفسه الذي توصلت إليه البشرية بفضل التطور التكنولوجي يعيد التاريخ من جديد بأشخاصه ووجوهه، بل حتى أصواته. مبادرة فنية تكنولوجية جديدة تمكنت من إعادة تشكيل صورة الفرعون المصري سيتي الأول، الذي لعب دوراً مهماً في حياة النبي موسى، بحسب الرواية الإنجيلية. |
يقف راجنار لوثبروك على الخط الرفيع بين الحقيقة والأسطورة، فهو إلى حد كبير يشبه الملك آرثر أسطورة إنجلترا، هل يوجد فعلاً أم أنها مجرد قصة شعبية تناقلتها الأجيال المختلفة؟ لا أحد يملك إجابة قاطعة. بالطبع تتوافر أدلة على وجوده، لكنها في الوقت نفسه لا تُنهي النقاش، ولا تشير إلى شخص واحد في مكان واحد.
مشكلة أخرى تخص لوثبروك، وهي أن الفايكنغ لم يكوّنوا حضارة مدوَّنة، بمعنى أنهم لم يقوموا بتدوين تاريخهم أو تأييد أعمالهم كما فعل الفراعنة مثلاً، فكل المعلومات عنهم قادمة من الوثائق الإنجليزية والدول التي اعتادوا مهاجمتها، وبدأوا في التدوين بعد انتشار المسيحية في بلاد إسكندنافيا (السويد-الدنمارك-النرويج)، وضاع قسم كبير من تاريخ الفايكنغ، وتفاصيل أكثر عن حياتهم تظل مفقودة.
لقب لوثبروك أو لودبروك يعني صاحب السروال المشعر أو ذي الشعر، غالباً لأن سرواله كان مصنوعاً من جلد ذئب، وشعر الذئب ما زال ملتصقاً فيه، والمفترض أنه حكم الدنمارك وفرض سيطرته على إسكندنافيا بأكملها، ومد المنطقة بسلالة ملوك امتدت لقرون طويلة، وظهر بهذا اللقب وتلك الصورة المشهورة، بداية من القرن الثاني عشر فقط.
يوجد بالفعل ذِكر لراجنار في وثائق إنجليزية، باسمين مختلفين Ragnall وReginherus، يُعتقد أنهما للشخص نفسه الذي بدأ مهاجمة إنجلترا في 840م، قبل أن يتحول إلى فرنسا في 845، ويحصل على أراضٍ ودير من الملك "تشارلز الأصلع" مقابل وقف العدوان، قبل أن ينقض راجنار العهد ويحاصر باريس بأسطول ضخم، بعدها حل عليهم طاعون من الرب، وقيل إن راجنار نفسه مات هناك، لكن على أي حال دفع له الملك مبلغاً ضخماً من الذهب ليرحل عن البلاد ويتخلى عن الهجوم.
You might like this:
هل ارتفاع نسبة الخصوبة هو السبب في إنجاب التوائم؟
وسط ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس جدري القردة الجديد، ما أثار ذعراً في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وأستراليا والشرق الأوسط، استنفر الأطباء لمعرفة الأسباب. |
ثم توجه لترويع شواطئ أيرلندا في 851م، وأسس مستوطنة قرب مدينة دبلن، وخلال تلك السنوات عكف راجنار على الإغارة على أيرلندا والساحل الشمالي لإنجلترا، ويُعتقد أنه توفي بين عامَي 852م و856م، ثم عاد من الموت ومات 3 مرات، وفي النهاية قام الملك "إيلا" بالقضاء عليه!
المحارب الأسطوري
بالنظر إلى كل تلك الأعمال ومغامرات أخرى عديدة وتعدد مرات الوفاة والعودة من جديد، يبدو جلياً أن راجنار لوثبروك لا يمكن أن يكون شخصاً حقيقياً، أو على الأقل ليس الشخص نفسه أو محارباً واحداً، بل غالباً مجموعة من المحاربين، ربما حملوا اسم راجنار في أماكن مختلفة، حوَّلتهم الأساطير الشعبية إلى محارب واحد، وأصبح بذلك أعظم العظماء، كما هو المعتاد في كثير من الميثولوجي والأساطير.
You might like this:
كيف صفّت الأنظمة العربية الفنانين الذين هددوا ‘هيبتها‘؟
لم يكن الكتاب الأخير الذي أصدرته جانجاه عبد المنعم، شقيقة الفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني (توفيت عام 2001 في لندن) بعنوان ‘سعاد.. أسرار الجريمة الخفية‘، مفاجئاً. أقلّه أنّ الكلام عن أنّ موت ‘السندريلا‘ كان عملية قتل، وليس سقوطا عن الشرفة، خرج إلى العلن بعد سنوات قليلة من موتها. في ما يلي نسترجع قصص بعض الفنانات العربيات اللواتي فقدن حياتهنّ، إما بسبب مواقف سياسية، أو تصريحات مستفزة في السياسة، أو حتى معرفتهن بأسرار مخابراتية أو سياسية. |
لكنَّ دليلاً آخر على وجوده هم أبناؤه، الأسطورة تقول إن راجنار شعر بالغيرة بسبب نجاح وشهرة أبنائه، فقام بمهاجمة إنجلترا لتحقيق انتصار عظيم وشهرة واسعة، لكنه فشل ووقع أسيراً في يد "إيلا" ملك نورثمبريا، الذي أعدمه برميه في خندق بين الثعابين؛ مما أثار غضب أبنائه، فقرروا الانتقام.
المؤكد والثابت أن غزو "الجيش الوثني العظيم" حدث بالفعل في عام 865م، بقيادة من ادَّعوا أنهم أبناء راجنار لوثبروك، وأشهرهم "إيفار الكسيح وبيورن ذو الجانب الحديدي"، وكلاهما شخصية حقيقية ومُثبَتٌ وجودها، وفي بعض الروايات يُقال إن راجنار نفسه صاحبهم في الغزو!
إحدى وجهات النظر ترى أن راجنار كان وقتها أسطورة مهمة بالفعل، وكل الملوك والمحاربين ادعوا القرب منه أو أنهم من نسله، حتى ينالوا شهرة وتلتفَّ الجماهير حولهم ويصاب والأعداء بالرهبة، أو ربما لم يكونوا أولاده فعلاً لكن بالتبني، كما كان شائعاً في عالم الفايكنغ.
أو أن راجنار تحوَّل مع الوقت بسبب الأسطورة إلى لقب، يتباهى به المحاربون، فأخذوا يطلقونه على أنفسهم ويدَّعوا نسبه، فيمكن أن أبناء راجنار كان لقباً شرفياً أو مباركة من الآلهة مثلاً قبل الحرب.
You might like this:
العبد الذى حكم مصر.
هل سمعت يومًا عن كافور الإخشيدي ؟ إنه أحد أشهر حكام مصر في عصر الدولة الإخشيدية، وقد سميت بهذا الاسم نسبة لمؤسس الدولة محمد بن طغج الإخشيدي، والإخشيد هو لقب وليس اسم يعني بلغة أهل فرغانة (أحد أقاليم ما وراء النهر، قرب باكستان حاليًا) ملك الملوك، وكان محمد بن طغج ينتمي إلى ملوك فرغانة، ثم التحق بخدمة والي مصر ومرت الأيام وأصبح هو والي مصر، وفي أحد الأيام اشترى عبدًا أسود بصاص (أي لعينيه بريق) مشقوق الشفاه، وقد أطلق عليه اسم كافور الإخشيدي، ثم أعتقه وقربه منه وجعله من كبار قواده لما رأى فيه من عزم وحزم وحسن تدبير. |
في النهاية، راجنار لوثبروك اتخذ صورة بطل وبحّار وملك متمكِّن وذكي، ورجل عائلة متزوج، وله من الأبناء والمشاكل والهموم كغيره، وربما اعتبروه مثالاً للمواطن أو الحاكم الإسكندنافي الجيد، ويمكن افتراض حقيقة وجود محارب بهذا الاسم، في وقت من الأوقات، كان لديه سمعة وشهرة بين الفايكنغ، لكن هل كما تُصوره القصص أو مسلسل Vikings؟ في الأغلب لا، ولا توجد طريقة للتأكد.