محارب شجاع روَّع إنجلترا وأوروبا وأسَّس حكم الفايكنغ.. هل كان راجنار لوثبروك شخصاً حقيقياً؟
راجنار لوثبروك، محارب أسطوري من بلاد الشمال، حقق إنجازات ضخمة وترك إرثاً مهماً لشعوبه وللعالم أجمع، له الفضل في جمع قبائل ومحاربي الفايكنغ وتركيز أطماعهم على الأراضي الغنية وراء البحار، بغرض الاستيطان وليس الإغارة فقط، سيرته لم تنتهِ معه لكن أولاده أكملوا من بعده، وتفوقوا عليه وأسسوا حكم الفايكنغ في أوروبا، فهل كان راجنار لوثبروك شخصاً حقيقياً؟
من هو راجنار لوثبروك؟
Das könnte dir gefallen:
بعد السّيارات والطّائرات المسيّرة.. قوارب ذكية ذاتية القيادة ستحدث ثورة في النقل البحر. فيديو.
أصبح من الشائع الآن ومن الطبيعي جداً اليوم أن نسمع عبارة السيارات ذاتية القيادة، أو الطائرات بدون طيار، فقد نالت اهتماماً واسعاً جداً، ويتم اختبار الأدوات اللازمة لجعلها حقيقة واقعة بشكل مكثف من قِبل بعض أكبر شركات التكنولوجيا. في المقابل، نادراً ما نسمع عن القوارب ذاتية القيادة، إذ لم يُتبع هذا المسار في الصناعة البحرية كثيراً، لكنه موجود، وأصبحت له العديد من التطبيقات. |
يقف راجنار لوثبروك على الخط الرفيع بين الحقيقة والأسطورة، فهو إلى حد كبير يشبه الملك آرثر أسطورة إنجلترا، هل يوجد فعلاً أم أنها مجرد قصة شعبية تناقلتها الأجيال المختلفة؟ لا أحد يملك إجابة قاطعة. بالطبع تتوافر أدلة على وجوده، لكنها في الوقت نفسه لا تُنهي النقاش، ولا تشير إلى شخص واحد في مكان واحد.
مشكلة أخرى تخص لوثبروك، وهي أن الفايكنغ لم يكوّنوا حضارة مدوَّنة، بمعنى أنهم لم يقوموا بتدوين تاريخهم أو تأييد أعمالهم كما فعل الفراعنة مثلاً، فكل المعلومات عنهم قادمة من الوثائق الإنجليزية والدول التي اعتادوا مهاجمتها، وبدأوا في التدوين بعد انتشار المسيحية في بلاد إسكندنافيا (السويد-الدنمارك-النرويج)، وضاع قسم كبير من تاريخ الفايكنغ، وتفاصيل أكثر عن حياتهم تظل مفقودة.
لقب لوثبروك أو لودبروك يعني صاحب السروال المشعر أو ذي الشعر، غالباً لأن سرواله كان مصنوعاً من جلد ذئب، وشعر الذئب ما زال ملتصقاً فيه، والمفترض أنه حكم الدنمارك وفرض سيطرته على إسكندنافيا بأكملها، ومد المنطقة بسلالة ملوك امتدت لقرون طويلة، وظهر بهذا اللقب وتلك الصورة المشهورة، بداية من القرن الثاني عشر فقط.
يوجد بالفعل ذِكر لراجنار في وثائق إنجليزية، باسمين مختلفين Ragnall وReginherus، يُعتقد أنهما للشخص نفسه الذي بدأ مهاجمة إنجلترا في 840م، قبل أن يتحول إلى فرنسا في 845، ويحصل على أراضٍ ودير من الملك "تشارلز الأصلع" مقابل وقف العدوان، قبل أن ينقض راجنار العهد ويحاصر باريس بأسطول ضخم، بعدها حل عليهم طاعون من الرب، وقيل إن راجنار نفسه مات هناك، لكن على أي حال دفع له الملك مبلغاً ضخماً من الذهب ليرحل عن البلاد ويتخلى عن الهجوم.
Das könnte dir gefallen:
جمع أسرة كاملة بغرفة واحدة وحـرقها في نهار رمضان.
شهدت منطقة القطيف في السعودية جريمة مروعة، راح ضحيتها عائلة بكامل أفرادها، مكونة من 4 أشخاص وهم أب وأم وشاب وشابة، وذلك على إثر حريق متعمد يشتبه بتورط أحد أقارب الأسرة فيه. |
ثم توجه لترويع شواطئ أيرلندا في 851م، وأسس مستوطنة قرب مدينة دبلن، وخلال تلك السنوات عكف راجنار على الإغارة على أيرلندا والساحل الشمالي لإنجلترا، ويُعتقد أنه توفي بين عامَي 852م و856م، ثم عاد من الموت ومات 3 مرات، وفي النهاية قام الملك "إيلا" بالقضاء عليه!
المحارب الأسطوري
بالنظر إلى كل تلك الأعمال ومغامرات أخرى عديدة وتعدد مرات الوفاة والعودة من جديد، يبدو جلياً أن راجنار لوثبروك لا يمكن أن يكون شخصاً حقيقياً، أو على الأقل ليس الشخص نفسه أو محارباً واحداً، بل غالباً مجموعة من المحاربين، ربما حملوا اسم راجنار في أماكن مختلفة، حوَّلتهم الأساطير الشعبية إلى محارب واحد، وأصبح بذلك أعظم العظماء، كما هو المعتاد في كثير من الميثولوجي والأساطير.
Das könnte dir gefallen:
قبر يوسف.. هل هو لنبي أم لقديس مسيحي أم لعالم مسلم؟
تناقضت الروايات الصهيونية والعربية بشأن قبر يوسف الموجود في بلدة بلاطة بمدينة نابلس، شمال المحافظات الفلسطينية على حدود 1967، وقد شهد هذا القبر معارك دموية بين الفلسطينيين والصهاينة على مرّ العقود، ما تزال مستمرة إلى اليوم. |
لكنَّ دليلاً آخر على وجوده هم أبناؤه، الأسطورة تقول إن راجنار شعر بالغيرة بسبب نجاح وشهرة أبنائه، فقام بمهاجمة إنجلترا لتحقيق انتصار عظيم وشهرة واسعة، لكنه فشل ووقع أسيراً في يد "إيلا" ملك نورثمبريا، الذي أعدمه برميه في خندق بين الثعابين؛ مما أثار غضب أبنائه، فقرروا الانتقام.
المؤكد والثابت أن غزو "الجيش الوثني العظيم" حدث بالفعل في عام 865م، بقيادة من ادَّعوا أنهم أبناء راجنار لوثبروك، وأشهرهم "إيفار الكسيح وبيورن ذو الجانب الحديدي"، وكلاهما شخصية حقيقية ومُثبَتٌ وجودها، وفي بعض الروايات يُقال إن راجنار نفسه صاحبهم في الغزو!
إحدى وجهات النظر ترى أن راجنار كان وقتها أسطورة مهمة بالفعل، وكل الملوك والمحاربين ادعوا القرب منه أو أنهم من نسله، حتى ينالوا شهرة وتلتفَّ الجماهير حولهم ويصاب والأعداء بالرهبة، أو ربما لم يكونوا أولاده فعلاً لكن بالتبني، كما كان شائعاً في عالم الفايكنغ.
أو أن راجنار تحوَّل مع الوقت بسبب الأسطورة إلى لقب، يتباهى به المحاربون، فأخذوا يطلقونه على أنفسهم ويدَّعوا نسبه، فيمكن أن أبناء راجنار كان لقباً شرفياً أو مباركة من الآلهة مثلاً قبل الحرب.
Das könnte dir gefallen:
ما لا تعرفه عن البرفيسور أحمد الخطيب صاحب الروبوت الغواص
من “حلب” إلى “فرنسا”، رحلة طويلة وذاخرة للدكتور والبروفيسور السوري “أسامة الخطيب” الذي دخل عالم الهندسة الكهربائية ووصل للعالمية من خلال الروبوتات الآلية والأبحاث العلمية المهمة التي أنجزها. |
في النهاية، راجنار لوثبروك اتخذ صورة بطل وبحّار وملك متمكِّن وذكي، ورجل عائلة متزوج، وله من الأبناء والمشاكل والهموم كغيره، وربما اعتبروه مثالاً للمواطن أو الحاكم الإسكندنافي الجيد، ويمكن افتراض حقيقة وجود محارب بهذا الاسم، في وقت من الأوقات، كان لديه سمعة وشهرة بين الفايكنغ، لكن هل كما تُصوره القصص أو مسلسل Vikings؟ في الأغلب لا، ولا توجد طريقة للتأكد.