الماس وأسرار كوكبنا: أندر وأعمق أنواع الماس يكشف سراً عظيماً لداخل كوكبنا
A lire aussi:
لماذا تشعر بالنعاس بعد الإفطار في رمضان؟
بعد ساعات الصيام في رمضان والشعور بالجوع والعطش والإرهاق، ينتظر الصائمون أذان المغرب بتشوق لتناول ما لذ وطاب من الطعام، وكسر الجوع والعطش، وأملا في الشعور بالطاقة والحيوية. |
إذا أردت معرفة كيف يبدو الماس الأكثر شهرة في العالم لحظة طفولته فعليك إعادة التاريخ لما يُقارب المليار سنة.
ويمكنك أن تُلقي نظرة على ألماسة الأمل "هوب دايموند Hope Diamond" المُذهلة التي لربّما تكون ملعونة، ذلك الحجر الأزرق المدهش ذو عيار الـ 45 قيراط والمُتوضّع على شاشةٍ ثابتةٍ ودائمةٍ في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي Smithsonian National Museum of Natural History منذ عام 1958.
A lire aussi:
عدد حسابات الموتى ستتجاوز عدد الأحياء في فيسبوك خلال 50 عامًا
خلال الأسبوع الماضي، نشر كارل أومان ويديفيد واتسون العاملان بمعهد الإنترنت بجامعة أكسفورد ورقة بحثية تنبأت بأن عدد حسابات القلتى والمتفوفون عبر الشبكة الاجتماعية سيفوق بمراحل عدد الأحياء على الشبكة وذلك بحلول عام 2070. |
وسترى حينها، بالعودة للماضي، ترك وابتعاد ذلك الماس الأزرق البرّاق لقاعدة متحفه وتغيّره بسرعةٍ شديدةٍ، من أيدِ التُجّار والباعة إلى الوجهاء ثم إلى اللصوص وأخيراً إلى يد الملك لويس الرابع عشر Louis XIV، لترى في نهاية المطاف تاجرَ أحجارٍ كريمةٍ فرنسيِّ الأصل يُعيدُ هذا الماس إلى منجمٍ في الهند مُحاصراً بمئات الحمم ولربما يعود لمئات الآلاف من السنين.
كما أنك سترى تلك الصخور ذائبة في الحمم المشتعلة والمحترقة، ومتدفّقة نحو بركانٍ منفجرٍ لتتشدّق عميقاً، وعميقاً نحو ستار الأرض Earth's mantle حيث يتحطّم هذا الماس ويتجزّأ ببطءٍ لأجزاء صغيرةٍ، وتمر السّنين وكأنها ثوانٍ لتجد بعضاً من تلك العناصر والأجزاء ظاهرةً على مسافة مئات الأميال على سطح الأرض ومستقرّةً أخيراً في قاع البحر.
وهنا تبدأ الحكاية في صفحةٍ جديدةٍ مشوّقةٍ نُشرت في اليوم الأول من شهر آب/أغسطس في مجلّة Journal Nature، وفي أولى دراساتها تلك، قام باحثون جغرافيون من كلٍّ من الولايات المتحدة وإيطاليا وجنوب أفريقيا بتحليل 46 قطعة من أفخم وأثمن أنواع الماس عالميّاً وذلك للإجابة على سؤالٍ بسيطٍ جدّاً، ألا وهو: "كيف يتشكل مثل هذا الماس الأزرق في جوف الأرض؟! وكيف حصلنا عليه؟! أي كيف وصلَ هذا الماس إلى هنا؟".
واكتشف الباحثون أثناء تقصّي هذه التساؤلات أن ذلك الماس الأزرق ليس فقط الأندر والأعمق على وجه الأرض، بل يحمل خفايا وأسراراً حول جوف أرضنا التي بدأ العلماء بنبش وجلف سطحها فقط.
أعلن كاتبو الدراسة: أن الألماس الأزرق -أو نموذج IIb- نادرٌ جداً، فبالكاد نجد قطعةً بين كل مئة قطعةٍ من الماسات المنجميّة التي تدخل تحت هذا التصنيف، كما أنه باهظ الثمن أيضاً.
A lire aussi:
أروع قصة عن بر الأم
حكى الشيخ خالد بشير محمد معافا، القاضي السابق في محكمة صبياء بالسعودية، عن أغرب القضايا التي نظرها خلال فترة عمله في المحكمة، أطرافها أبناء مسنون وأم قعيدة، والكل يريدها أن تكون عنده لينال برها، في مشهد دفع المحكمة إلى البكاء تأثرا بهذا المشهد الفريد. |
قال كاتب الدراسة السّيد إيڤان سميث Evan Smith لمؤسسة النفائس في أمريكا: "أنّ ذلك الماس من نوع IIb ذو قيمةٍ هائلةٍ، مما يُصعّب على الباحثين الحصول عليه لأغراض البحوث العلميّة".
قضى سميث وزملاؤه سنتين في تلك الدراسة الحديثة للتعرّف على أغلى أنواع الماس الأزرق النفيس، من ضمنها ما يُدعى Cullinan Dream، وهي عبارة عن جوهرة عيار 24.18 قيراط بِيعَت في مزادٍ علني بأكثر من 23 مليون دولار أمريكي عام 2016. كما أن الفريق قد فحَصَ مئات آلاف الماسات قبل رصف ووضع هياكلها وأشكالها النهائية كنماذج متلألئة وبرّاقة، إذ يختارون في النهاية تلك التي تحتوي وبشكلٍ واضحٍ على البقع المرئية والمخلفات المعدنية القديمة والبقايا الصخرية التي تشكلَ منها الماس.
ويستطيع الباحثون بعد الفحص الدقيق لتلك الهياكل، تحديد نوع المعادن التي كانت تحتويها الصخور التي شكّلت هذه الجواهر، كما أنها قد تدلُّهم على مكان القشرة الأرضية حيثُ تشكّلت.
A lire aussi:
كيف أعاودُكَ وهذا أثرُ فأسِكَ
يعود هذا القول إلى قصة قديمة جداً روتها وتناقلتها العرب، وهي قصة جاءت على لسان الحية، |
حدّد الفريق باستخدام منظار التحليل الطيفي رامان Raman (وهو عبارة عن طريقة لبعثرة وإسقاط الليزر على هدفٍ ما لتحديد تركيبته الجزيئية الفريدة)، تشابه هياكل ذلك الماس مع الصخور المُتشكّلة في الستار السفلي للأرض Earth's lower mantle والذي يقع على عُمق 250 إلى 410 ميلاً (أي نحو 410 إلى 660 كيلومتراً) تحت سطح الأرض، أي أعمق مما كان متوقّعاً بأربع مرّاتٍ، وهذا ما يجعلها الأكثر ندرةً وعمقاً.
هذا وأعلن الباحث في مؤسسة كارنيجي للعلوم في واشنطن Carnegie Institution for Science in Washington D.C، الكاتب ستيڤين شيري Steven Shirey: "نعلم الآن أن أجود أنواع الماس تأتي من أبعد وأقصى نقطةٍ داخل كوكبنا".
ونقول لأغلبية الناس الذين لم يرتدوا أو يلمسوا ماسةً زرقاء، أن هناك بطانةً فضيّةً فاتنةً، إذ تُوحي هذه الاكتشافات أن كوكبنا يُعيد تدوير معادنه السّطحيّة في الأعماق ويُعيدها ثانيةً للستار.
وكتب الباحثون في تقريرهم أن هذا النوع من الماس يكتسب ذلك اللون اللّافت للنظر والمتلألئ من البورون، وهو عنصرٌ موجودٌ بشكلٍ شبه حصريّ على سطح الأرض وفي رواسب معدنيّة تحت الماء. وبالوصول إلى الأعماق المذهلة حيث من الُمعتقد تشكُّل الماس، قد نجد أن هذا البورون لربّما يُركّب قشرة الأرض المحيطيّة الكثيفة تحت الأرض حين تصطدم بالقشرة القاريّة في مناطق الطرح subduction zones وهي أماكن تحطّمت فيها صفيحتان تكتونيّتان مع بعضهما البعض، مما يُجبر الصفيحة الأكثف على الغَرق تحت الصفيحة الأقل كثافة منها.
ومن المرجّح أن كل ما يحمله الماس من عنصر البورون تحت الماء في الستار يحمل معه كمياتٍ ضئيلةً من مياه المحيط، لأن بعض الشوائب في ذلك الماس كانت مُحاطةً بجيوب الهيدروجين والميثان، ولهذا أعلن الباحثون أن مثل هذا الاحتمال يسلّط الضوء على "الطريق الرئيسي المحتمل لإعادة تدوير المياه العميقة على سطح الأرض".
A lire aussi:
هل تعيدها أوكرانيا؟ حرب الشتاء بين فنلندا وروسيا..
في 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1939 وبلغة خطاب تعلوها العنجهية السلطوية، أصدر الرئيس السوفيتي جوزيف ستالين (1878-1953)، أوامره بإعلان الحرب على فنلندا، تلك الدولة الصغيرة التي تعاني من نقص واضح في الإمدادات العسكرية والاقتصادية، لكنها كانت وثيقة الصلة بالسلطات الألمانية إبان عهد أدولف هتلر. |
وسيتعيّن على الباحثين دراسة المزيد من أنواع الماس الأكثر زُرقةً وإشراقاً في العالم لدعم فرضيتهم تلك.
"لا تقُل أبداً أن العلوم ليست برّاقةً وفتّانةً!"