السلطان الأشرف طومان باى.
وما أن سقط السلطان قنصوة الغوري صريعا في موقعة مرج دابق في 25 رجب سنة 923هـ/ 24 أغسطس 1516م أمام جيوش العثمانيين بقيادة السلطان العثمانى سليم الأول، حتى بايعه أمراء المماليك وعامة القاهرة، فأبطل المظالم، وحاول أن يطور الأسلحة باقتناء المدافع، لكن حظه العسر أدى إلى غرق عدة مراكب محملة بالسلاح والمدافع قادمة من الهند، كان قد طلبها الغوري قبل توجهه إلى مرج دابق، وبالتالى فإن إمكاناته في الدفاع عن القاهرة كانت محدودة، لكنه نجح في إشعال المقاومة الشعبية، حتى أنه كان يخطب بإسمه على منابرها رغم دخول قوات سليم إلى القاهرة، وقال عنه مؤرخ عصره ابن إياس: " وكان هذا السلطان له عزم شديد في عمل العجلات والبندق الرصاص، وكانت له همة عالية ومقصد نبيل"، لكن سوء حظه وقف حجر عثرة فى طريقه، وفى ذلك يقول ابن إياس:
سئ الحظ ليس له دواء | ولو كان المسيح له طبيبا |
هُزم جيش طومان باى أمام سليم الأول فى موقعة وردان بالجيزة، وقد كتب طومان باى إلى سليم قائلاً، وفق ما أورد ابن إياس:"إن كنت تروم الخطة والسكة باسمك، وأكون نائباً عنك بمصر، وأحمل إليك خراج مصر حسبما يقع الاتفاق عليه بيننا من المال الذي أحمله إليك فى كل سنة، فارحل عن مصر أنت وعسكرك، وصُن دماء المسلمين بيننا، ولا تدخل في خطيئة أهل مصر من كبار وصغار وشيخ ونساء، وإن كنت ما ترضى بذلك أخرج ولاقني فى بر الجيزة، ويعطى النصر لمن يشاء".
Das könnte dir gefallen:
“الشدة المستنصرية” مجاعة عصفت بمصر 7 سنوات.. عندما أكل الناس الكلاب والقطط ولحوم البشر..
تخيل أن تُغلق المعابر التجارية البحرية والبرية، وأن تقفر الشوارع والأسواق فلا يجرؤ الناس على التجوال فيها خوفاً على حياتهم، خاصة أن هناك الكثير من الجوعى الذين احتفظوا في بيوتهم بخطاطيف وكلاليب لصيد المارة من فوق الأسطح والتهامهم بسبب مجاعة شديدة أدت إلى انعدام الغذاء.. لا نروي لكم حكاية هوليوودية من ضرب الخيال، بل نحدثكم عن مأساة حقيقية أصابت مصر في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وعُرفت باسم |
ثم هُزم طومان باي في معركة الريدانية (العباسية حالياً)، لأن جيشه كان يواجه جيش سليم بالسيوف وبصدر عار أمام مدافع وبنادق متقدمة، حتى قال المؤرخ أحمد بن زنبل:"لولا النار التي مع السلطان سليم ما غلب المماليك فى الحرب ولامرة"، لكن البنادق ساوت بين الشجاع والجبان.
وبعد موقعة الريدانية، هرب طومان باى إلى سخا واستنجد بشيخ عربانها حسن بن مرعى، وكان ابن مرعى من أعز أصدقاء السلطان، وله عليه غاية الفضل والمساعدة من أيام الغوري، وقام بما عليه من المال مرارا، فلم يذكر له من هذه الأخلاق شيئا ولا أثمر فيه الخير، فسلمه إلى السلطان سليم، وكان طومان باى مرتديا لبس العرب من الهوارة، وليس في زى المماليك ، وراح طومان باى ضحية الخيانة.
Das könnte dir gefallen:
مجازر 8 مايو.. ذاكرة الجزائريين تأبى نسيان التوحش الفرنسي
في ذات الوقت الذي كانت تحتفل فيه فرنسا إلى جانب حلفائها بالتخلص من النازية الألمانية التي أحالت أوروبا إلى خراب، كانت القوات الاستعمارية الفرنسية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تنفذ واحدة من أفظع وأشنع مجازر القرن العشرين في الجزائر، فما حاربته في أوروبا نفذته في بلد المليون شهيد، فالإجرام الوحشي لم يذهب مع الزعيم النازي هتلر، إنما أكمل الاستعمار الفرنسي الطريق من خلال توحشه في الجزائر. |
حُمل السلطان أسيرا يرسف فى أغلاله إلى سليم الأول، لكنه كان مرفوع الرأس يرسف، فقال بحسي شهادة ابن إياس:"إن الأنفس التي تربت في العز لا تقبل الذل، والأسد لا يخضع للذئب، ولستم بأفرس منا ولا أشجع، وليس فى جندك من يقايسني فى حومة الوغى"، وتملك الإعجاب بطومان باى من نفس سليم ، وقال:" والله لا يُقتل مثل هذا الرجل"، وكاد أن يعفو عنه، وظل سجينا لدية لمدة سبعة عشر يومًا، حتى إن طومان باى حين ساقوه إلى الإعدام لم يكن يعلم بذلك، لكن بعض المماليك الخونة مثل خاير بك، وجان بردى الغزالي حرضوا سليم على قتله.
وقد أورد ابن إياس فى موسوعته "بدائع الزهور فى وقائع الدهور" مشهد إعدام السلطان طومان باى، فقال:"طلع طومان باى القاهرة فطلع من سوق مرجوش(أقصى شارع المعز من ناحية الجمالية) وشق القاهرة، وجعل يُسلم على الناس، حتى وصل إلى باب زويلة(عند مسجد المؤيد شيخ في أقصى الغورية حالياً)، وهو لا يدرى ما يُفعل به،
فلما أتوا إلى باب زويلة، أنزلوه عن فرسه، وأرخوا له الحبال، ووقفت حوله العثمانية بالسيوف مسلولة، فلما تحقق أنه يُشنق وقف على أقدامه على باب زويلة، وقال للناس الذين حوله: اقرأوا الفاتحة ثلاث مرات، وقرأت الناس معه، ثم قال للمشاعلى(من يقوم بقطع الرؤوس أو تنفيذ الإعدام): اعمل شغلك، فلما وضعوا الخية فى رقبته، ورفعوا الحبل، انقطع به فسقط على عتبة باب زويلة، وقيل انقطع به الحبل مرتين، وهو يقع على الأرض ثم يعلقونه وهو مكشوف الرأس، فلما شُنق صرخت عليه الناس صرخة عظيمة، فإنه كان شابا حسن الشكل، كريم الأخلاق، سنه نحو أربع وأربعين سنة، وكان شجاعا بطلا تصدى لقتال ابن عثمان، وثبت وقت الحرب بنفسه، وقتل منهم ما لايحصى"،
وظل طومان باى معلقاً ثلاثة أيام على باب زويلة حتى فاحت رائحته، فأمر سليم بأن يغسل ويكفن، وأمر بثلاثة آلاف دينار تفرق عليه، وأحضروا له تابوتا، ووضعوه فيه، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغوري عمه فدفنوه.
Das könnte dir gefallen:
هل يمكن أن تكشف كاميرا ون بلس 8 برو ما تحت الملابس؟
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي على مدار اليومين الماضيين بعدما كشف تقرير من ذا فيرج عن فلتر أشعة إكس الموجود في كاميرا ون بلس 8 برو والذي يسمح لها بالرؤية خلف الملابس والبلاستيك! |
ومن عجائب الأقدار أن الغوري الذي كان يلهب جيوب المصريين بالضرائب بنى مدرسته ومسجده ومقبرته وأنفق عيها مائة ألف دينار قطعت رأسه، ولا يعلم أين ألقيت في أحراش حلب، فدُفن فيها طومان باى العادل الذي رفض فرض الضرائب وقت الحرب.